الاستئناس بالنساء ما يزيل الكرب ويروح القلب


ترويح النفس وإيناسها بالمجالسة والنظر والملاعبة

فيها إراحة للقلب وتقوية له على العبادة فإن النفس ملول وهي عن الحق نفور لأنه على خلاف طبعها فلو كلفت المداومة بالإكراه على ما يخالفها جمحت وثابت وإذا روحت باللذات في بعض الأوقات قويت ونشطت وفي الاستئناس بالنساء من الاستراحة ما يزيل الكرب ويروح القلب وينبغي أن يكون لنفوس المتقين استراحات بالمباحات، ولذلك قال الله تعالى (ليسكن إليها). 

وقال علي رضي الله عنه (روحوا القلوب ساعة فإنها إذا أكرهت عميت) وفي الخبر (على العاقل أن يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يخلو فيها مطعمه ومشربه فإن في هذه الساعة عونا على تلك الساعات)[1] ومثله بلفظ آخر (لا يكون العاقل ظاعنا إلا في ثلاث تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم)[2] وقال صلى الله عليه وسلم (لكل عامل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى)[3] والشرة الجد والمكابدة بحدة وقوة وذلك في ابتداء الإرادة والفترة الوقوف للاستراحة. 

وكان أبو الدرداء يقول إني لأستجم نفسي بشيء من اللهو لأتقوى بذلك فيما بعد على الحق وفي بعض الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أنه قال شكوت إلى جبريل عليه السلام ضعفي عن الوقاع فدلني على الهريسة)[4] إلا الاستعداد للاستراحة ولا يمكن تعليله بدفع الشهوة فإنه استثارة للشهوة ومن عدم الشهوة عدم الأكثر من هذا الأنس وقال صلى الله عليه وسلم ( حبب إلي من دنياكم ثلاث الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة)[5] فهذه أيضا فائدة لا ينكرها من جرب إتعاب نفسه في الأفكار والأذكار وصنوف الأعمال وهي خارجة عن الفائدتين السابقتين حتى إنها تطرد في حق الممسوح ومن لا شهوة له إلا أن هذه الفائدة تجعل للنكاح فضيلة بالإضافة إلى هذه النية وقل من يقصد بالنكاح ذلك وأما قصد الولد وقصد دفع الشهوة وأمثالها فهو مما يكثر. 


[1]  حديث على العاقل أن يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه وساعة يخلو فيها بمطعمه ومشربه رواه ابن حبان من حديث أبي ذر في حديث طويل أن ذلك في صحف إبراهيم.
[2]  حديث لا يكون العاقل ظاعنا إلا في ثلاث تزود لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في غير محرم رواه ابن حبان من حديث أبي ذر الطويل أن ذلك في صحف إبراهيم.
[3]  حديث لكل عامل شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى رواه أحمد والطبراني من حديث عبد الله بن عمرو وللترمذي نحو من هذا من حديث أبي هريرة وقال حسن صحيح.
[4]  حديث شكوت إلى جبريل ضعفي عن الوقاع فدلني على الهريسة أخرجه ابن عدي من حديث حذيفة وابن عباس والعقيلي من حديث معاذ وجابر بن سمرة وابن حبان في الضعفاء من حديث حذيفة والأزدي في الضعفاء من حديث أبي هريرة بطرق كلها ضعيفة قال ابن عدي موضوع وقال العقيلي باطل هذا إن صح لا محمل له.
[5]  حديث حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وقرة عيني في الصلاة رواه النسائي والحاكم من حديث أنس بإسناد جيد وضعفه العقيلي.

0 التعليقات :

إرسال تعليق